الفندق.
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


في هذا الفندق ، هناك قضية ، حين تم العثور على جثة إحدى نزلاءه في الحديقة التي تبعد عن الفندق مسافة شارعين.كانت الجثة مطعونة في البطن عدة طعنات . هل انتحار ، أم قتل ؟
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 فلاسفة على حد السكين.

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
القرينـة
Admin
القرينـة


عدد الرسائل : 19
تاريخ التسجيل : 17/05/2008

فلاسفة على حد السكين. Empty
مُساهمةموضوع: فلاسفة على حد السكين.   فلاسفة على حد السكين. Empty2008-08-22, 8:51 am



فلاسفة على حد السكين!

نحن ندفع الآن فاتورة موت الفلسفة عربيا وإسلاميا: أي الفكر العقلاني المتبصر



هاشم صالح
اصطحبت معي هذا الكتاب الى المغرب في عطلة صيفية استمرت أسبوعين، ولم أندم على ذلك. في الواقع أني كنت قد قرأته مرة أو مرتين في باريس دون أن استوعبه تماماً، لذلك احتاج الأمر إلى قراءة ثالثة، ولا غرابة في ذلك، فميشيل سير هو أحد كبار مفكري فرنسا المعاصرين، وككل الكبار، فإن نصوصه لا تعطي نفسها بسهولة، إنما ينبغي أن تدفع الثمن لكي تفهمها، أو تتغلغل إليها.
للأسف فإن فكر هذا الفيلسوف الذي لا يقل أهمية عن ميشيل فوكو، أو جيل ديلوز، أو جاك دريدا، أو كل الجيل الذي تلا سارتر مباشرة غير معروف في العالم العربي. وربما كان إدخاله للنظريات العلمية من فيزيائية وكيميائية ورياضية في الفلسفة، قد تسبب في انصراف الناس عنه. فالواقع أنك لكي تفهمه ينبغي أن تكون مطلعاً على آخر مكتشفات العلم الحديث، سواء في مجال الذرة أو الفضاء أو البيولوجيا، لكن لحسن الحظ، فإن الكتاب الذي بين أيدينا اليوم، لا يتعرض إلى كل ذلك، لهذا السبب، فإني أطمئن القارئ منذ البداية وأطمئن نفسي أيضاً.

قبل أن أدخل في صلب الموضوع، سوف أقول بأن ميشيل سير، هجر الساحة الفرنسية منذ سنوات طويلة، وذهب للتعليم في إحدى الجامعات الأميركية الكبرى. ولعل خيبة أمله في الجامعات الفرنسية، هو الذي دفعه إلى هذا الابتعاد، أو لعلهم لم يفهموا قدره ومكانته، فذهب إلى الأميركان الذين يعرفون كيف «يسرقون» عقول الأمم الأخرى، ويؤمّنون لها الإمكانيات المادية الكبيرة وجو الحرية الكاملة للبحث.

لكن الفرنسيين انتبهوا إلى أهميته أخيراً، فانتخبوه عضواً في الاكاديمية الفرنسية.

هذا الكتاب يشكل المقدمة العامة التي كتبها ميشيل سير، للنصوص الفلسفية الفرنسية، التي جمعت أخيراً تحت إشرافه وبمشاركة فريق عمل كبير من الباحثين في شتى الاختصاصات. وعندما أقول نصوص الفلسفة الفرنسية، فإني اقصد كل نصوصها منذ أربعة قرون أو حتى خمسة وإلى الآن. وقد بلغ عدد صفحاتها الملايين!، وذلك لأنهم لم يكتفوا بإعادة طبع نصوص المؤلفين الكبار، من أمثال ديكارت، أو باسكال، أو جان جاك روسو، أو فولتير، أو بيرغسون.. إنما طبعوا نصوص مؤلفي الدرجة الثانية والثالثة، أو حتى نصوص الكتّاب غير المشهورين، لكن ذات القيمة العلمية المؤكدة، فالشهرة ليست وحدها دليلاً كافياً على الأهمية.

الاكتشاف الأساسي الذي توصل إليه ميشيل سير وفريقه بعد أن أكملوا العمل وجمعوا كل هذه النصوص هو التالي: أكثر من نصف الفلاسفة بكثير تعرضوا أثناء حياتهم للقمع، أو المنع، أو الملاحقات. لقد كتبوا في جو من الرعب، وتحت التهديد بالقتل أحياناً. بمعنى آخر: لقد خاطروا بحياتهم من أجل التعبير عن حقيقتهم. وهم يشكلون الآن مجد الفكر الفرنسي وعظمته. لكن بما ان الفيلسوف الفرنسي ـ والأوروبي ـ المعاصر ينعم بكل أنواع الحريات الفكرية والضمانات المادية والمناصب الجامعية وغير الجامعية، فاننا نعتقد أن أسلافه كانوا دائماً هكذا، وهذا خطأ ما بعده خطأ.

فالواقع ان فلاسفة القرن السادس عشر أو السابع عشر أو الثامن عشر أو حتى التاسع عشر كانوا يعيشون على حافة الخطر في معظم الأحيان ومن دون أي ضمانات مادية أو معنوية. لنضرب على ذلك مثلا أحد فلاسفة التنوير «دولاميتري»، الذي أُدين كتابه «الإنسان الآلي» بعد صدوره مباشرة. وهو يدرس الإنسان بصفته آلة بيولوجية أو فيزيولوجية مؤلفة من وظائف عضوية مثله في ذلك مثل جميع الحيوانات أو الكائنات الحية، لكن هذا التصور العلمي «الفج» كان سابقاً لأوانه ويشكل صدمة للوعي المسيحي السائد. وهم لم يكتفوا بحرق الكتاب إنما همّوا بالتعرض لحياة صاحبه، فهرب من فرنسا والتجأ إلى ملك بروسيا المستبد المستنير: فريدريك الثاني. ومعلوم انه كان حراً في تفكيره إلى درجة الإلحاد تقريباً. ولهذا السبب، كان يجمع حوله كل الهاربين من القمع الأصولي الكاثوليكي أو المسيحي بشكل عام، ومعلوم ان فولتير لجأ إليه في فترة من الفترات.

وهناك ايضا الفيلسوف «دولباك» صديق ديدرو وصاحب الصالون الباريسي الشهير الذي كانت تدور فيه المناظرات الفلسفية الأكثر جرأة. وقد منعت معظم كتبه أو حرقت على رؤوس الاشهاد من قبل الاصوليين العتاة الذين اتهموه بمعاداة الدين والخروج عليه كلياً. والواقع ان تصوره للعالم والتاريخ كان علمياً محضاً ولا علاقة له بالرؤية الدينية أو اللاهوت المسيحي المهيمن.

ونضرب على ذلك مثلا ديكارت نفسه، وهو أشهر فيلسوف فرنسي، فقد عاش معظم حياته في هولندا، وهناك نشر كتابه الشهير «مقال في المنهج» بدون توقيع خوفاً من الملاحقات ورجال الكنيسة وكليات اللاهوت.

ولا ينبغي أن ننسى المسكين جان جاك روسو، الذي تواطأت عليه الظروف من كل النواحي، فألّف كتبه العظمى في جو من الوحدة الكاملة او العزلة شبه المطلقة. على هذا النحو، كتبت مؤلفات خالدة من نوع: هيلونير الجديدة، او العقد الاجتماعي، أو ايميل، او الاعترافات.. بل ووصل بهم الأمر الى حد انهم رجموه بالحجارة وكسروا نافذة بيته ووصل حجر كبير إلى جانب السرير، الذي ينام عليه.. وكل ذلك لأنه يكتب وينشر شيئاً مخالفاً للرأي الشائع او الاتجاه المسيطر في ما يخص فهم الدين والعقيدة والسياسة.. الخ.

ونضرب على ذلك مثلا لامارك، مكتشف نظرية التطور قبل داروين، فقد حاصره منافسوه الآخرون الذين يحظون بدعم السلطة. وقد شاهده احدهم وهو يشهق بالبكاء امام نابليون ويطلب العفو والمغفرة!، لقد أذلّوه وسحقوه بسبب عبقريته التي لم يستطيعوا تحملها.

وأما عن اوغست كونت فحدث ولا حرج!، فمؤسس الفلسفة الوضعية التي سيطرت على فرنسا وأوروبا لاحقاً لم يعش حياة هادئة على عكس ما نتوهم، فقد طردوه من مدرسة البوليتكنيك الباريسية الشهيرة وعاد مقهوراً إلى مدينته في مونبلييه على شاطئ البحر الأبيض المتوسط. ومن كثرة ما اضطهدوه لاحقاً أوصلوه إلى حافة الجنون، بل ودخل مستشفى المجانين لفترة، لكن هذا لم يمنعه من تأليف كتبه الأساسية وبخاصة دروس في الفلسفة الوضعية».

والقائمة طويلة: قائمة المنبوذين والملاحقين والمضطهدين لسبب أو لآخر، ولا استطيع أن أعددهم جميعاً للأسف الشديد، لكن سوف أتوقف مع ميشيل سير عند هذه الملاحظة القيمة. يقول الفيلسوف الفرنسي الكبير: ان «أبناء العائلات» الذين يعيشون في بحبوحة من العيش ولا يعانون من العراقيل والصعوبات او المشاكل المادية وغير المادية لا يمكن ان يصبحوا فلاسفة!، بل ولا يمكن ان يفهموا من التجربة البشرية الا نصفها، هذا اذا ما فهموا شيئاً ما، وحدهم أولئك الذين عركتهم الحياة وصهرتهم في أتونها مرشحون لإنجاز الأعمال الفلسفية الكبرى.

كيف يمكن لشخص لم يعرف من الحياة الا وجهها الضاحك، ان يصبح فيلسوفاً؟ كيف يمكن لشخص لم يمت الف موته ولم يعش على حافة الهاوية اكثر من مرة ان يصبح مفكراً عميقاً؟.

ثم يتحدث ميشيل سير عن الفلسفة كسلطة مضادة، أو كمعارضة حرة لأي سلطة قمعية. ويضرب على ذلك مثلا «مجانين» القرن التاسع عشر من طوباويين، وفوضويين، وإصلاحيين، وثوريين، ومثاليين.. فالمفكر «برودون» مثلا أدانوه بغرامة مالية وبالسجن بعد نشر كتابه «عن العدالة في الثورة والكنيسة»، فهرب إلى بروكسيل، حيث بقي حتى موته. اما كوندورسيه، مفكر التنوير الأول، فقد انتحر في السجن خوفا من المقصلة. وهكذا قتلته الثورة الفرنسية على الرغم من ان افكاره هي التي أدت إليها، لقد ذهب ضحية القضية التي عمل من اجلها.

ويبدو من خلال الاحصائيات ان الفكر لا يتقدم الا عن طريق الخارجين على المؤسسات الجامعية، والرأي العام، ومراكز السلطة، وكما ان تاريخ الأديان لا يتجدد أولا يتوسع الا عن طريق الهراطقة، فإن الفكر لا يفتتح آفاقاً جديدة الا عن طريق، أولئك الذين ينتهكون المحرمات (التابوات).

فمعظم مفكري فرنسا كانوا منبوذين من الجامعة والمؤسسات الرسمية، وقد ألفوا كتبهم الكبرى وهم محاربون من قبل الرأي العام السائد في عصرهم، وكل مفكر لا يعرف أن يقول «لا» لعصره أو لمجتمعه ليس مفكراً ولا يمكن أن يأتي بشيء جديد. أما أولئك الخانعون للمألوف والامتثاليون، فلهم المناصب الجامعية والسلطوية، لكن لا علاقة لهم بالفكر.

ثم يطرح ميشيل سير هذا السؤال: لماذا لم يُقتل أحد بسبب الفلسفة كما قتل الآلاف بسبب المذاهب الدينية والآيديولوجيات السياسية؟، لماذا لم يقتل شخص واحد باسم فلسفة ديكارت او روسو او مونتيني او باسم الحقائق التي توصلوا إليها؟، لأن هؤلاء عندما ألّفوا كتبهم كانوا يتحملون خطر القتل أو السجن أو النفي، وبالتالي فلم يريدوا تحويل قرّائهم إلى متعصبين مستعدين للقتل وممارسة نفس الشيء الذي هربوا هم منه أو كانوا يخشونه. هنا يكمن الفرق بين الفيلسوف الحقيقي وزعماء الحركات الأصولية أو الآيديولوجيات الحزبية، الذين يجيشون الاتباع بالملايين ويحشون رؤوسهم بالأفكار المطلقة التي تدفع بصاحبها إلى ممارسة القتل.

الفيلسوف الحقيقي هو ذلك الشخص الذي يمارس تجربة الفكر لنفسه أو على نفسه وبشكل حر ولا يهمه أبداً أن يعبّئ الأنصار والموالين كالقطعان وأن يزجهم في المعركة كالثيران الهائجة. انه لا يريد تلامذة مطيعين في كل شيء، إنما أشخاصاً أحراراً مثله، لذلك فلم يُقتل احد باسم الفلسفة حتى الآن. ان الحياة التي يعيشها الفيلسوف تنصهر بالفكر الذي يبدعه حتى ليصبحا شيئاً واحداً. بهذا المعنى فلا يوجد أي فرق بين حياة جان جاك روسو مثلا وأعماله الفكرية، فهو لا يكتب شيئاً ويفعل شيئاً آخر كما يحصل للعديد من المثقفين أو أشباه المثقفين. إنما يدفع ثمن ما يكتبه من حياته الشخصية، وأعصابه، وفقره، ومعاناته.

لذلك فإن أكبر دلالة على الفكر الفلسفي هي النزاهة وعدم الغش، جان جاك روسو كان مستعداً لأن يُقتل، لأن يموت، على أن يغش أو يكذب، وقد حاولوا الإيقاع به أكثر من مرة، حاولوا إفساده وإجباره على الكذب، لكن عبثاً، فقد ظل متشبثاً بحقيقته وكأنها روحه أو حياته، ظل يقاوم حتى آخر لحظة على الرغم من صعوبة المقاومة في بعض الأحيان، وعلى الرغم من الأساليب اللعينة التي اتبعوها للإيقاع به، وهنا يقول ميشيل سير هذه العبارة المهمة: «الكذب هو الذي يمنع الحقيقة، قبل الخطأ. المفكر الكذاب، أو الذي يستحلّ الكذب كتكتيك أو حتى كاستراتيجية لا يمكن أن يكون صديقاً للحقيقة. قد يخطئ المفكر النزيه، لكنه يتحاشى الكذب إلى أقصى حد ممكن. ويظهر ذلك حتى على كتاباته، فأنت عندما تراه أو تقرأه تجد انك امام نفس الشخص».

ثم يعود ميشيل سير إلى نفس الفكرة ويقول: «وكما ان علم الأديان أو التنوير الديني لا يحصل الا عن طريق الهراطقة، اي المنبوذين، فإن الفلسفة لا تتقدم الا عن طريق المنبوذين والمضطهدين. وتاريخ الفكر منذ اربعة قرون وحتى الآن اكبر شاهد على ذلك، بل ان تاريخ الفكر منذ سقراط يشهد على هذه الحقيقة، فالحقيقة ممنوعة ومن يرد ان يقترب منها ينبغي ان يوطّن نفسه على دفع الثمن».

وأخيراً يتوقف المؤلف عند فكرة مهمة هي: لغات الفلسفة، فعلى مدار التاريخ تلبَّست الفلسفة، أي نسمة الحرية أو الفكر الحر، عدة لغات متتابعة. وكانت اولاها اللغة الاغريقية بالطبع، لغة سقراط وتلميذه افلاطون وتلميذه ارسطو.. ثم بعد انهيار الحضارة اليونانية وحلول الرومانية محلها اصبحت اللغة اللاتينية هي لغة الفكر، واستمر الأمر على هذا النحو حتى بعد انتصار المسيحية والكنيسة الكاثوليكية. فقد استمر فلاسفة أوروبا وعلماؤها يكتبون باللاتينية حتى القرن السابع عشر او الثامن عشر، لكن قبل ذلك كانت الفلسفة قد ماتت في أوروبا اثناء هيمنة العصور الوسطى واللاهوت المسيحي، وعندئذ تلبَّست الفلسفة لباس اللغة العربية. ويعترف ميشيل سير بكل نزاهة بأن اللغة العربية كانت هي لغة العلم والفلسفة لمدة خمسة قرون متتالية!. وهذا اعتراف مهم، اذ يصدر عن فيلسوف كبير مثله، ثم هجرت الفلسفة اللغة العربية بعد أفول الحضارة الاسلامية بدءاً من القرن الثالث عشر، اي بعد موت ابن رشد مباشرة (1198)، وظلت تهجرها لمدة خمسة قرون على الأقل: اي حتى مطلع القرن التاسع عشر وإعادة الاحتكاك بأوروبا ولولا ذلك لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم من هيمنة للفكر الاصولي الضيق على الشارع العربي والاسلامي. وبالتالي فنحن ندفع الآن فاتورة موت الفلسفة: اي الفكر العقلاني المتبصّر.

ثناء على الفلسفة في اللغة الفرنسية Eloge de la Philosophie an Lamgue Francaise المؤلف: ميشيل سير Michel Serres الناشر: فايار ـ باريس Fayard - PARIS


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فلاسفة على حد السكين.
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الفندق. :: بعيداً عن الحدود ، قرب البحر :: مكتبة الفندق-
انتقل الى: