الفندق.
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


في هذا الفندق ، هناك قضية ، حين تم العثور على جثة إحدى نزلاءه في الحديقة التي تبعد عن الفندق مسافة شارعين.كانت الجثة مطعونة في البطن عدة طعنات . هل انتحار ، أم قتل ؟
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 بقرب الجنة ... هناك شيطان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
القرينـة
Admin
القرينـة


عدد الرسائل : 19
تاريخ التسجيل : 17/05/2008

بقرب الجنة ... هناك شيطان Empty
مُساهمةموضوع: بقرب الجنة ... هناك شيطان   بقرب الجنة ... هناك شيطان Empty2008-08-22, 8:45 am









" بقرب الجنة .. هناك شيطان"

قراءة الآخر في الرواية السعودية
جماعة حوار
النادي الأدبي الثقافي بجدة




" بقرب الجنة .. هناك شيطان"



أنسنة الفكر الديني في خواطر السلفية


بعد المطر دائما هناك رائحة
للكاتبة : فاطمة "بنت السراة"






مدخــل :


تقول الكاتبة في الرواية: "من نعم الله علينا هنا في المملكة أن مقرر التوحيد البسيط للصف الأول الابتدائي وما بعده من مراحل يركز على أهم ما سيواجهه الإنسان في قبره .. البطاقة الخضراء التي تنجيه من هول (منكر ونكير) الأصول الثلاثة التي على ضوء معرفتنا بها ندخل الجنة أو النار : من ربك ؟ما دينك ؟ من نبيك؟ ، إن ثبت و أجاب نجا و إن تهته بـ ها ولا أدري، لم يسلم من العذاب.."


هكذا ببساطة حين تقرأ الرواية الهشة في تقنياتها السردية والفنية فإن عينيك وعقلك تدركان ذلك الشكل القشري في التفكير الديني التكفيري المتشدد الذي لا يلامس سوى السطح الشكلي لا الجوهري في الحياة الإسلامية.. ويُهيأ إليك خلال قراءتك لهذا العمل الخطابي التقريري بأنه في إمكانك أن تحمل الجنة في حقيبتك الدنيوية وتحملها معك أينما ذهبت ومتى ما فعلت .. طالما أنك تحفظ بيانات البطاقة الخضراء .. لكن احرص هناك شيطان قد يسرقك البطاقة .





القراءة :
1/1. خارطة الطريق إلى الجنة ...!! هذا ما حاولت أن ترسمه الراوية في خواطر امرأة سلفية تسمى ماجدة أو كما تكنى بـ "أم إبراهيم" خلال توليها زمام الحديث مع المتلقي منذ بدء سرد ذكرياتها الماضية، والتي استعادتها في تلك اللحظة الرمضانية؛ حيث بدأت معاناتها خلال سبعة عشرة سنة؛ والتي تحولت إلى هدية من الله لها؛ تكاد تكون بطاقتها الخضراء التي تمكنها العبور إلى الجنة باطمئنان كامل؛ لولا الشيطان الذي يتربص لها في طريقها؛ كي يسلبها إياها.


إن الأحداث التي بدأت تسردها الراوية في لحظة (فلاش باك) ماطرة كانت عبارة عن سرد مجموعة من الخواطر انبعثت من اللاوعي المدفوع بمنطق عقلها وعواطفها؛ والتي سيطرت عليها ثقافتها الدينية السلفية حيث تنتمي الراوية (أم إبراهيم)، وجعلتها منطلقا إلى تفسير المواقف التي تصادفها وتوضع فيها، وتحدد خلالها علاقاتها بالشخصيات التي تحتك فيها وتتحدث عنها من زاويتها الأيديولوجية، وتعززها في لغة خطابها السردي، وهي في ذلك لا تتيح أبدا للأحداث أن تأخذ حيزها السردي العفوي، ولا لتلك الشخصيات التي تقابلها في طريقها حرية التحدث عن ذواتها دون تدخل منها، ودون أن تتيح لهم حق التعبير عن رؤيتهم ومواقفهم، وهي تحضر وتغيب أثناء السرد في شكلها المشوه كيفما تشاء الراوية لتأكيد آرائها بهم، غير عابئة بفطنة القارئ وذكائه وأنه في المقام الأول غير ساذج.


يأتي كل ذلك والراوية تحكي حكايتها عن هدية السماء التي منحها الله تعالى في شهر رمضان المبارك، هذه الهدية هي طفل رضيع لأسرة لبنانية مسيحية، تخلت عنه ببساطة أمام إغراءات المادة، فتركوه لديها بعد حيلة نسجها والداه؛ (لينا وجوزيف) على أم إبراهيم جارتهم في مجمع الغدير، والتي وقع عليها الاختيار من تسع جارات، وهكذا وبعد حيلة متقنة، يُترك الطفل الرضيع دون مبرر مقنع تخبرنا به الراوية نفسها؛ سوى أن أبويه أرادا التخلص منه كي لا يعيقهما خلال سفرهما وعملهما بمنتهى الأنانية؛ ثم تبدأ هي بتصوير تلك النزاعات التي تعتريها أمام طفل مسيحي، لا تعلم إن كانت تسلمه للشرطة ليواجه مصيره في دار الأيتام وكأنه لقيط من دون هوية رغم ترك أوراقه الثبوتية معه، أم تضمه لأطفالها وتكسب فيه أجر أسلمته وتربيته، وتغيير مصيره الدنيوي والأخروي الذي كان من الممكن أن يكون مع والديه المسيحيين في نظرها، وتقع في حيرة بين ما يمليه عليها ضميرها وتدينها وتلك الفتاوى التي تتعلق بهذا الشأن، كتلك الفتوة التي أخبرها بها غيث زوجها حين اضطرت لإسكات بكائه بإرضاعه "قد لا يجوز أن ترضعيه من صدرك" ..

وبعد صراع مبالغ وغير ممنطق تختار تربيته والعناية به كولد من أولادها، ويقبله زوجها كابن له ببساطة، مبتغيين الأجر والجنة، وتمر السنوات ويبدأ القلق من اليوم الذي يأتي فيه والداه فجأة ليأخذا محمد، جون سابقا من أحضانها، وبسرعة تنتقل من منزلها المريح إلى شقة بعد تهديد زوجها بتركه إذا لم ينفذ رغبتها مفضلة الهروب المستمر لتحتفظ بمحمد، وتمر السنوات ويصبح الطفل مراهقا في السابعة عشر من عمره، وقد صار مواطنا سعوديا له بطاقته الشخصية منذ العاشرة من عمره، دون أي تعقيد في معاملاته القانونية التي خاضتها الراوية وزوجها لأجل (محمد)، وهي إجراءات استغرب سهولتها في ظل ثبوت هويته وإمكان استرداد أسرته، لكن فيما يبدو أنها تريد وبشكل غير ناضج فنيا و معرفيا أن هذه المحاولة لم يتم اللجوء إليها، لأن عائلته غير مسلمة، وبالتالي أن يكون مسلما في مجتمع غير مجتمعه وعائلة غير عائلته أفضل من أن ينشأ في كنف أسرة غير مسلمة تركته لأجل المال، وهي بعد ذلك تشعر بالراحة الكاملة بفعل هدية السماء، كي تكون بطاقتها الخضراء لدخول الجنة، ولكن يظل للماضي رائحته المقلقة التي تنذر بيوم شؤم غير متوقع.


هكذا تجري الأحداث من منطق الراوية (أم إبراهيم ) والذي تفرضه الكاتبة فاطمة بنت عبد الله بن رافعة أو كما لقبت نفسها فاطمة بنت السراة، دون أن تجعل للأحداث أو الشخصيات منطقها الذي ينبت منها تلقائيا، فالراوية (أم إبراهيم ) تتحدث عن كل شيء وتسترسل في التحدث عن الأشخاص معبرة عن رأيها بهم بكل صراحة، من كلينتون رئيس البيت "الأسود" كما أسمته، وجاراتها النصرانيات وزوجها وأختها حتى تلك المعلمة التي لم تصادفها سوى مرة واحدة عندما قامت بتسجيل ابنيها في المدرسة، فكل مجريات الأحداث وعلاقاتها تسرد من قبل الراوية ومنطقها الفكري السلفي المتشدد لا المعتدل، الذي يعتبر الشكل معيارا للحكم على هذه الشخوص، والذي يجد في الداعية وإن كان قاصرا في تعليمه دورا في التبليغ ولو في آية، والذي تعلنه مباشرة في سردها بما حملته من تقريرية استشهدت فيها بآيات من القرآن الكريم، وأقوال لابن تيمية وشروحات دينية للشيخ عبد الوهاب تعزز انتماءها المذهبي ويتفق مع وجهتها في رفض الآخر المختلف عنها في الشكل الديني الذي اتفقت فيه، مع المحاولة الدائمة لإثباته ذلك خلال ممارساتها الدينية وتكرارها منذ بداية الخط السردي في الرواية وحتى النهاية التي جاءت سريعة وغير ناضجة في قيمتها الفنية أو التخيلية أو حتى في تبرير نهايتها التي تعلن فيها (أم إبراهيم) خسارة الجميع سواها .


2/1. بعد هذه الرؤية العامة وقبل دخولي إلى قراءة وجوه الآخر في خواطر الراوية، فإنه يجب توضيح منطق هذه القراءة، والتي حاولت أن تتعامل مع الرواية ـ إن تم التصالح على أنها كذلك وفق ما كتب على الغلاف ـ على أنها كتلة سردية منفصلة عن فكر كاتبتها بنت السراة، رغم فرض الرواية سؤالا علي فور انتهائي: ما العلاقة بين الكاتبة والراوية في بطن السرد؟ هل هناك حالة توحد بين منطقيهما الفكري بحيث كانت "ماجدة" بوقا وعظيا ألقته الكاتبة في طريق القارئ أم أنها من ابتداع الكاتبة بشكلها الفكري والنفسي في بناء السرد ؟.
إجابة هذا السؤال تجدها بسهولة في سردها من خلال الحشو غير اللازم للآيات القرآنية والدروس الوعظية التي هي أقرب لأن تكون (قص ولزق ) من بعض الأشرطة الدينية والخطاب الدعوي المنبري، وذلك يُظهر أن الغرض من الرواية هو تقديم درس ديني وعظي ووصفة صحيحة من وجهة نظرها لكيفية الدخول إلى الجنة، تقول الراوية أم إبراهيم"هل يتساوى المتدين الذي أشقى نفسه بالعبادة، وحرم عليها من الأهواء والرغبات غير المشروعة، مع الذي باع نفسه لشيطان الهوى مستحلا كل شيء ؟ أم منتهى العدل أن يجازى المتدين العابد بالجنة ويجازى العاصي بالنار ؟ " ، هذا ما رغبت بتقديمه الكاتبة في روايتها التقريرية لا تقديم تجربة فنية سردية لها تقنياتها اللازمة وفق ما تعارف عليه الفن الروائي، فلا يوجد عمق في تصوير الشخصيات ولا تحليل لمستويات التفكير لديها بسبب فرض وصاية عليها، وتكاد منطقة الأحداث تكون منعدمة وفارغة، والصورة السردية هشة الملامح، فالشخصيات والأحداث المسترسلة في خطاب سردي خطابي لم تحز على المساحة الكافية من النضج والنمو.


ويبدو الهدف خرج في الرواية عن الحيز الفني السردي إلى الحيز الأخلاقي الوعظي للرواية، وهو الهدف الذي ينادي به ما يسمى بالأدب الإسلامي، وأظن أن الكاتبة حاولت جعل روايتها تحت مظلته، وهو ما أوقعها في المباشرة والتقريرية التي أخلت ببنية السرد الفنية، وأعاقها عن القدرة على إعطاء شخوصها حيزها الفكري والمكاني والعقلي بشكل ينفصل عن الكاتبة ومنطقها الأيديولوجي.


ومع كل ذلك، ورغم ضعف العمل فنيا حاولت التعامل مع الرواية ككتلة منفصلة عن الكاتبة، وجعلت همي الأول هو محاولة فهم العنوان الذي حملت الكاتبة حكايتها تحت مظلته.


1/2. أيمكن أن يكون العنوان (بعد المطر دائما هناك رائحة) بداية اللعبة في قراءة الآخر داخل هذه الرواية ؟! هل يمكن أن يصلح عنوان هذه القراءة (بقرب الجنة دائما هناك شيطان) لتصوير عوالم الرواية السفلى التي حاولت استقراءها ؟


إن البنية العليا للسرد بكل تأكيد لا تخفى على القارئ، والتي أوضحتها في أعلى هذه القراءة، فماجدة الراوية أخذت تسرد حكايتها لتمجيد ذاتها أمام الآخر المختلف عنها، ولتقول رأيها بصراحة به رغم تعدد الآخر واختلافه خلال فضفضتها مع نفسها أو حين تتحدث مع صديقتها الحميمة أم مشعل بشكل خاص، فهي لا تخفي حتى مشاعرها من لفظ اسم الطفل الذي أخذت ترعاه وتقول:"جون ! لفظت اسمه كمن يلفظ شرابا عكرا" ، إنها تحاول تمييز الآخر عنها، جاعلة منه ناقصا مخطئا وقاصرا، فيما تحظى الراوية و(أم مشعل) الشخصية الوحيدة التي اتفقت وتصالحت معها رغم فارق السن والتعليم بل ورغم قصورها الدراسي على حد قولها فتحصيلها"المدرسي كان للصف السادس الابتدائي فقط، أما المعرفي فبحر من محاضرات مشائخ السلف، ومن كتب وأشرطة ودروس تحضرها في المسجد ما بين صيف وآخر" ، فهي في نظرها الوحيدة التي تسير على الطريق الصحيح؛ وهو الطريق الذي انتهجته.


لكن العنوان الذي ظل يأزمني وأنا أتناول هذه الرواية كي أجد له مخرجا، وجدت محاولة لتبرير مقصد الكاتبة منه، والذي جاء أيضا مباشر خاليا من القيمة الفنية، فبعد المطر وهو بمثابة(الخير والرزق الذي تمثل في هدية السماء "جون " دائما هناك رائحة قد تكون مزعجة بمثابة(الألم والخوف من خسارة هذه الهدية الجليلة إذا ما عاد الماضي ليسلبها إياها).


هكذا أجد عنواني (بقرب الجنة دائما هناك شيطان) عنوانا لمحاولة قراءتي لعوالم الرواية السفلية غير المباشرة محاكاة لعنوانها وقصتها المباشرة، وخطر ذلك في ذهني عند قراءة الرواية للمرة الثانية، وأنا أبحث عن زاوية الانطلاق، حتى توقفت عند قول ماجدة "صليتُ الظهر كيفما اتفق، شاعرة بشيطان الصلاة أنه قد تمكن مني كثيرا في الركعات الأربع" إنك تتأمل عند قراءة هذا المقطع، ثورة "خنزب" المعروف بشيطان الصلاة الذي ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم فيما روي عنه في الصحيح مسلم ومسند الإمام أحمد، وذلك عندما سأله عثمان بن أبي العاص عن وسوسة الشيطان له أثناء الصلاة، فقال عليه السلام"ذاك شيطان يُقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، وأتفل على يسارك ثلاثا"إنه ببساطة شيطان الصلاة، فهل خنزب هو أحد أشكال وجوه الآخر أم أنه الأصل في تحديد علاقة الراوية بالوجوه التي صادفتها الراوية في مشوارها السردي؟


إن الصلاة هي أصل التفريق وفق الموروث الديني بين المسلم والكافر، وهو ما اتكأت عليها الراوية في تحديد هوية جارتها "أم سمر" الدينية، فتذكر "أم سمر مسلمة ! أم مشعل قولي كلاما غير هذا ، المرأة لا صلاة لا حجاب ولا حتى تعامل حسن" .


ولا يعطل المسلم عن صلاته سوى "خنزب" شيطان الصلاة، وماجدة أو أم إبراهيم التي تعزز انتماءها المتشدد وفق رؤيتها للدين الصحيح خلال حكايتها تخشى أن يضلها الشيطان في حياتها كما تخشاه في صلاتها، فـ "الوسوسة يا أحبة لا تكون فقط من الجن، بل من الإنس أيضا" كما جاء في ص 110، ومن هذا الحيز الضيق نظرت الراوية (أم إبراهيم) للآخر في الرواية وكأنه شيطان، لأنه خرج عن الشكل الديني الذي تعارفت عليه من مطلقها الفكري، فالآخر لديها هو كل خارج عن الشكل الديني الذي تعتنقه سواء كان قريبا لها أومن بيئتها أو كان خارج سياق المجتمع، فهو الذي يتمتع بممارسة الشهوات والملذات التي يحرمها الشكل الديني الذي ألتزمته هي، والذي تجده من الصحة ما تجعل الآخر لا يعقل أمامها فعلى حد قولها"إذا أسلمن علمناهن أمور دينهن الجديد، أما الآن فهن كفرة، ونحن منهن براء، والله لو كان صخرا لفهم ولان أمام كل هذه الدلائل، لكن قست قلوبهم فهن كالأنعام أو هم أضل" ، ولهذا فإن الراوية (أم إبراهيم ) التي مجدت ذاتها وفق طريقة تدينها؛ تحدد علاقتها مع هذا الآخر صاحب الهوى الشيطاني بالاستعاذة منه والتعامل معه في استعلاء واحتقار وإنقاص ورفض وهروب؛ وهو ما عبرت به خلال خواطرها وأرائها عن الشخوص التي صادفتها، كما هو حال التعامل مع "خنزب "شيطان الصلاة الذي ينبغي أن نستعيذ منه ويستحق أن يتفل عليه ثلاثا.


2/2. وهنا نصل إلى السؤال : من هو هذا الآخر الذي تضاءل في منطق الراوية (أم إبراهيم) وانتقصت منه وهي الغارقة في تضخيم الذات وتمجيدها وفق طريقة تدينها مهما كان قصورها السلوكي، والذي يفضحه سردها حين فضلت الهروب بجون خوفا من استيقاظ ضمير والديه يوما ويأتيان لأخذه، وهو حق مشروع لهما، فقد تحول فعلها بالرعاية للطفل إلى محاولة سرقته والهروب به / الهروب من الآخر، وهو أبشع مما ارتكبه أبواه دون مبرر منطقي تذكره.


إن الآخر في الرواية جاء متعدد بتعدد التيارات والأشكال الفكرية الدينية، وكأنها تحاول تشخيص هذه التيارات بمواقفها وجعلها في صورة سلبية منهزمة أمام ذاتها المتشددة بل إنها حاولت أنسنتها ، فـ" شارون / الصهيونية الخبيثة، أمريكا / اللبرالية المادية، جاراتها اللبنانيات / النصرانية المشركة، أم سمر / العربية اللبرالية المنسلخة عن الدين، نادية أختها / المسلمة التي ضلت طريقها وعادت لجادة الصواب، زميلتها القديمة / المسلمة الذائبة في هوية الآخر، غيث زوجها / المسلم السلبي البارد، جارتها الطبيبة هند / اللبرالية السعودية المسلمة، الخادمات لبابة / مدينة / مشرفة / الرقيق الخاضع المستعبد ماديا" وهكذا .


هؤلاء اختلفوا في اللون والجنس والدين والوطن، لكنهم اتفقوا في كونهم خرجوا عن نقطة القبول الوحيدة في ذات الراوية التي عملت على تمجيدها، هذا القبول يبنى على الاتفاق مع الشكل الديني الذي تعارفت عليه الراوية أم إبراهيم، وتعتقده الصحيح دون غيره وتؤكده في نهاية الرواية بقولها"انغماسي لسنوات في قراءة كتب العقيدة ومقارنتها بكتب الدين الأخرى، لا أعني الأديان السماوية فهذه من المفروغ منه، أنها منحرفة عدا القرآن الذي تعهد منزله بحفظه، بل عنيت الدين الإسلامي نفسه بالفرق الكثيرة المنتسبة له بالاسم ..".


هكذا حاولت الكاتبة باجتهاد غير مقصود، أنسنة هذه التيارات وتصويرها بشكل يتفق مع منطقها الأيديولوجي، وإظهار مواقفها وطريقة تفكيرها في الحياة من خلال استحضارها في أجساد بشرية تتحرك داخل السرد وكأنها دمى مسلوبة الإرادة أمام الدمية الرئيسة (أم إبراهيم) التي تولت زمام الحكي في الرواية، لكنها ـ للأسف ـ رغم أنها حاولت أن تلبسها لحما وشحما تكسوا عظامها، إلا أنها كانت أجساد معاقة داخل السرد، فجميعهم حضروا وانهزموا بشكل مقصود منها؛ لتحاكمهم (أم إبراهيم) وتنتقص منهم وتسخر منهم بناء على منهجها الديني المتشدد الذي يتخذ من الشكل معيارا للإدانة دون العناية بالجوهر.



إن كل هذه الشخوص بما تمثله من أشكال دينية في رؤية أم إبراهيم / المتدينة المتشددة؛ هي ضالة الطريق، ولهذا كان نهايات بعضهم هي الشقاء كأختها نادية التي تمردت على العائلة لتتزوج عن حب / الخطيئة في رؤية المتشددين، وتنتهي حياتها معه إلى الطلاق، أو جارتها الطبيبة هند العانس التي لا تحب الملتزمين وتزوجت على كبر فعاقبتها بابن معاق ذهنيا ومريض، فيما سكتت عن نهاية أم ديفيد، لأنها ليست أكيدة من مدى صدق إسلامها كونها لم تعلنه على الملأ، إلى آخر من ذكروا في الرواية، فهم في رأيها لا يستحقون النهايات السعيدة والتي تحققت لها دونهم جميعا، فهي لم تنزلق مع الآخر خلال سنوات احتكاكها به، واختارت الطريق الأصح دونهم، فكانت نهايتها السعادة والطمأنينة.


أو بشكل آخر ( الجنة ) التي لطالما أخذ الشيطان / الآخر، يتربص بهويتها الدينية كي تنزلق معه، ويهددها بالرجوع وسلبها (هدية السماء) جون / محمد الذي علمته الإسلام، ففضلت الهروب منه لسنوات طوال، لكنها ظلت تخاف رائحة المطر / شيطان الآخر ، وفيما يبدو أن أم إبراهيم ضمنت (الجنة) على اقتراب الشيطان من طريقها إليها، تقول الراوية أم إبراهيم حين دخلت إلى حديقتها المبتلة بماء المطر"ملأت رئتي بالهواء البارد والرائحة المبتلة، متأملة الأرض الطينية المنتعشة وأوراق الشجر مبهجة اللون، ولأول مرة لا أتعب ... لأول مرة لا تهزمني الرائحة " .


محاولة المقاربة بين العنوان (بعد المطر دائما هناك رائحة ) و(بقرب الجنة.. هناك شيطان)
• المطر / هدية السماء محمد (جون سابقا) البطاقة الخضراء لدخول الجنة جزاء لها على تعليمه الإسلام.
• الرائحة في العنوان وهي الرائحة الرطبة المزعجة للمطر / تهديد الآخر في محاولة استرجاعه لمحمد / جون كالشيطان الذي يهدد بتضليل طريقها إلى الجنة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ناقدة وشاعرة من السعودية
الرواية : بعد المطر دائما هناك رائحة ؛ فاطمة" بنت السراة"، دار : الانتشار العربي، بيروت ، ص 53.
الرواية : بعد المطر دائما هناك رائحة ، ص 26.
الرواية : بعد المطر دائما هناك رائحة ، ص 93
الرواية : بعد المطر دائما هناك رائحة ، ص 51
: الرواية : بعد المطر دائما هناك رائحة ، ص 61.
الرواية : بعد المطر دائما هناك رائحة ، ص 12.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بقرب الجنة ... هناك شيطان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الفندق. :: بعيداً عن الحدود ، قرب البحر :: مكتبة الفندق-
انتقل الى: